مجموعة فكرية من طلبة الصوماليين المقيمين في السودان


واصفرت شجرة الفطرة!.



اطلع الصحابي على أعرابيين يتشاجران في بئر ماء،  فيقول أحدهما أنا أوجدها،  والآخر يقول وأنا فطرتها!!! إذا الفطرة تحدث في غير مثال سابق!.
المواطنة مبدأ إنساني قبل أن تكون تطبيق قانوني،  فليس الإنسان يكاد يفارق فطرته التي جبلت في طبعه،  وليس من المنطق أن تسطر في المتون والقرطاس محررات تأمر إزائها إبتداء!، كلا؛ أن ينفصل الجسد عن الروح فيأتي الجسد ليغدي الروح!،  ولا الروح لتلهم الجسد في تناول المنافع لأنها من باب العدم!،  والعدم لا يتصور حدوثه ووقوعه بخلاف علامة الصفر.
حسنا،  فالصفر عند الفرد روحا وجسدا تقرر فطرية مجبولة ومنطبعة على الإنسان، ولكنها بحاجة ماسة إلى من يهديها ويصوبها دوما!، فلزم من ذلك ضرورة الرسالة السماوية من طريق الوحي الإلهي،  ليقترب إلى أبواب السماء وهو ساجد على تراب الأرض!، وليعمر بمقتضاها في مجال الأرض
من السماء يأتي النور الفياض الذي يخاطب الروح وفي الأرض تنعم بالإشارات الربانية،  فصارت البشرية في صف توحيد مصدرية الشريعة والاستسلام لمفادها،  ثم الاجتهاد في خيارات التهذيب لأمره وأشكال التعمير،  فتهيم البشرية إلى الله رب العالمين وذلك لدافع الفطرة ولمعرفة الأسرار التي أودعها الله في الكون فتشرع الدين في سبيل تقرير واستجابة دافع الفطرة من أجل أن يعلو الإنسان من سقف الإنتماءات المختلفة،  ويرتبط بحبل الله وتحيى روحه بآي الله المنظور والمقروء
ثم يقنن وطنيته وإخلاصه للوطن إزاء تلك الإشارات الربانية،  فالإنسانية تقتضي الكرامة، والمواطنة في شكلها التأطيري تتضمن الكرامة والشرف،  ولا تتحقق الكرامة الكاملة إلا بالرسالة الخالدة،  وكما أن الرسالة الخالدة تشبع وتغدي ما هو مفطور في وجدان الإنسان فليس هناك ما يستدعي استفاضة الأحكام الصريحة،  بل تكون مساحة الاجتهاد أكبر بكثير مما هو منطوق وصريح من الأحكام.
من هنا –ياسادتي- كتاب الله هو الرسالة العظيمة للإنسان، تدبر بين يديك كتاب رب العالمين!، تأمل معي أيها القارئ الفاضل لفظة العالمين _الوارد في سورة الفاتحة والتي هي أم الكتاب _ اسم لملحق الجمع المذكر السالم الذي لا يقع إلا على ذوات العاقل،  فهل الحجر والشجر من ذوات العقول؟!  ومتى أصبحت المحيطات والبحار والخلجان من عالم العقول؟  ثم أنى لنا أن نحسب الدواب في عداد العقلاء ؟! يا رب وقد وردت الآية في معرض العموم،  تعم كل ما في الأكوان،  ما تعرفه وما تدركه وما تحس به وما أنت جاهل به وما هو محجوب عنك!!  إني في حيرة من أمري،  وربما أنت أدركت الجواب ووقفت عندها،  فأعني بفك الطلاسيم عن كنه (العالمين).
لنعد معا في تدبر آي القرآن،  وعسانا أن نجد فيها ما يفسرها بأحسن تفسير،  ودعني أقلب صفحاته وأقف عند السطور والخطوط، ،،،،  الآن! وقد أقف عند رأس آية (فأنطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبو أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض...) الآية، إن في الآية دلالة نصية واضحة تؤكد أن للجدار إرادة.... أو للجدار الجامد السابك إرادة تريد؟،  إرادة تنقض؟،  إرادة تستقيم؟!  أو للجدار وعاء استقبالي وجداني؟. 
كنت أحسب من ذي قبل أن الإرادة من شروط العاقل الناطق ولا شيء لسواه،  وذلك مبلغ علمي! وطالما امتدت الإرادة وبسطت ظلها على العاقل الناطق ؛ جعلت الإنسان وحده صاحب إرادة فقط،  وكأني أحصر العالمين بالإنسان!  يا ليت شعري!. 
تعال أنظر الآيات المؤكدة في إثبات الإرادة لسائر الخلائق،  انبهرت أن رأيت قوله تعالى (ولكن لا تفقهون تسبيحهم)  أهذه الزقازيق التي لا أفقهها تنضم مع وحداتها التسبيح والتحميد؟ أمن صوت العصافير جمل وتراكيب وحروف تسدي للبارئ الحمد عبادة له؟!  وما طوي عنا كثير وأكثر،  وحق علي أن أقرأ وأتذوق (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا). 
إن الكون وغوره العميق قائم بالحق المبين،  فوجب الحمد لرب العالمين على اختلاف سلوكياتهم،  والذي ورد في القرآن تسبيحه لرب العالمين،  مثل الطيور لا يزال باقيا _وسيبقى_ على أصله وفطرته،  فأين الإنسان إذا ؟ الذي يتأطر على غير فطرياته المقررة سابقا  ؛فطرية التعلق بالإشارة الإلهية وفطرية عمران الأرض! ما له يتشبث بالغواية الإبليسية والصوت الشيطاني والتي تعتقد قدسية المادة وتقوم الأشياء بقيمتها المادية!  يؤمن بمادة النطفة التي خلقت من الإنسان،  ويؤمن بشجرة النسب اعتقادا وممارسة،  ويؤمن مادة القومية!! كل هذا وذاك من باب القلب للموازين،  لأن كل أركان الإيمان المادية!  من باب الموجدة،  والفطرة من باب الإيمان المودع بحقائقه في كل قلب بشر! ،  وعليه ؛ فلا بد من الموجدة أن تتأسس على أعتاب الحقائق وسر الفطرة الهادية بأمر الله والتي تحتاج إلى ما يكملها.
واستفتحت بالمواطنة لأنها المجال الذي يحتفظ الإنسان مبادئه السامية،  ولهذا نستبعد ما يتبادر إلى الذهن عند إطلاق ألفاظ المواطنة وما شاكلها الوافدة من معجم أسامي


إعداد الأخ: عبدالقادر بن الشيخ آدم

ليست هناك تعليقات:

كافة الحقوق محفوظة ©مدونة رواد الوعي